في المحاضرة الرمضانية، واصلنا الحديث عن رسالة الحقوق لسيدنا ومولانا الإمام زين العابدين علي بن الحسين "عليه السلام"، حيث انتهينا إلى حق البطن، وبعد أن بيّنا معناه اللغوي، واستعرضنا الإضاءات المتعلقة بهذا الحق، ووصلنا إلى الإضاءة الثالثة وهي الميزان الأخلاقي في الطعام والشراب، وقلنا إن الحسن والقبح والراجح والمذموم تمثل قيما أخلاقية في الأكل والشرب، وهي تتعلق بالأمور الاختيارية للإنسان ككمية الطعام ونوعه.
أشرنا إلى موارد رجحان الطعام والشراب ويمكن تلخيصها في موردين:1- للاستقواء على فعل الخير، كالعبادات ومساعدة الآخرين، كما ورد في سورة المؤمنون الآية 51 "يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا"2- الشكر لله على نعمائه وحسن العبودية، حيث ان شكر الرازق فيه أثر معنوي ويجعل الطعام راجحا " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُون" سورة البقرة الآية 172 الإضاءة الرابعة: الاستخدام الكنائي للطعام والشرابذكر الأكل في القرأن الكريم ولا يقصد منه عين الأكل بل التصرف بمعناه العام.
المورد الأول: أكل مال اليتيم ويعني مطلق التصرف في مال اليتيم " إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا" سورة النساء آية 10المورد الثاني: استخدام الأكل بمعنى دفع الرشى "وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون" سورة البقرة الآية 188المورد الثالث: استخدام الأكل بمعنى الربا " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون" سورة آل عمران الآية 130المورد الرابع : أكل الميراث " وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا" سورة الفجر الآية 19