20 Feb
20Feb

وفي هذا السياق الحيوي نرى من الضروري أن تتسم العملیة التنمویة في بلداننا بالمبادئ الثلاثة الآتیة:

أولاً/ أن تـكون متجهة نـحو تـلبیة الاحتياجات غـیر الـمادیـة ، وأن لا تـقتصر عـلى المفھوم الـمادي .. فـالـفقر اليوم لایعني احتیاج الإنسان إلى الغذاء والدواء فقط .. بل الفقر الحقیقي ھو فقر المنظومة التعلیمیة والقیمیة والأخلاقـیة .. وأبرز مـا یھـدد شعوبنا ھي تلك الـثقافـات المنحرفة والدخیلة عـلى قـیمنا الـعربـیة والإسلامیة.  

ثانیاً/ أن تنطلق التنمیة من داخـل الـمجتمع نفسه .. معتمدة عـلى موارده البشـریة والطبیعیة والثقافیة.. فأھل مكة أدرى بشعابھا.. ولانریـد غـطاءاتٍ ومبرراتٍ تـتیح للآخرین التدخل بشؤوننا بإسـم التنمیة ، لأغراض وأھداف فرعیة ودخیلة.  

ثـالـثاً/ أن تـكون التنمیة مسـتندة إلـى تحولات بنیویـة في الاقـتصاد والمجتمع والبیئة الإقلیمیة والدولیة.. حتى تكون تنمیة جذریـة وشاملة وحقیقیة.. فمن الصعب أن تـنفرد دولـة ما بالـتنمیة وھـي ضمن محیط إقلیمي مضطرب غـیر مستقر.. ومن المستحیل أن نـتكلم عـن التنمیة تحت أزیـز الرصاص وطـبول الحرب وآثـارھـا المدمرة الفادحة.

وتحقيق ذلك یتطلب أولاً تـشخیص الكوابح التي تقف عائقاً دون الوصول إلى مـشارف التنمیة وتحقیقھا.. فالـضعف والـقصور في القطاع التعلیمي ، وھـشاشـة الـنظام الإداري والمصرفي وتصاعد حالات العنف المجتمعي وإهمال الاتـفاقـیات الـتطویـریـة والاسـتثماریـة بـین الـدول والمؤسسات .. وعدم الاستقرار في المنظومـة الإقـلیمیة سیاسیا وأمنیاً واقتصادیاً .. تعد من الكوابح الأساسیة التي تمنع استمرار عجلة التنمیة في بلداننا.

إننا فـي العراق عانـینا كثیراً مـن آثـار توقـف عجلة التنمیة.. وما زلنا نعاني بعض آثارھا بالرغـم مـن الخطوات الكبیرة التي تحققت طیلة العقدین الماضیین ، وما تحققق في حكومة الأخ السوداني بشكل خاص.

فالحـروب وسـنوات الـحصار .. ثم ثـقافـة التطرف والتكفیر والعنف .. كانـت عـوائـق أمـام نـھوض الـعراق .. والـیوم بحـمد ﷲ وتـوفـیقه وبـإرادة الـعراقـیین وقـواھـم السـیاسـیة الـوطـنیة ومرجعياتهم الرشيدة اسـتطعنا تـجاوز تـلك الـعوائـق وآثارھا المدمرة على الانسان والمجتمع إلى حد كبير.

فـعراق الـیوم یـختلف عـن أمـسه ومـاضـیه .. وھـو فـي طـریـقه نـحو الـریـادة فـي مـجالات حيوية واستراتيجية بإذنه تعالى.

لقد استطاع العراق أن یكسر شـوكة الإرھاب والتطرف .. واستطاع توحيد مكوناته في إدارة عملیة سیاسیة دیمقراطـیة ناجـحة.. فالدیـمقراطیة تـقع في صـمیم الـتنمیة.. ولايصح الحديث عـن تـنمیةٍ بـلا نـظامٍ دیمقراطي يقوم على التداول السلمي للسلطة.

كما اسـتطاع الـعراق أن یـعید جـزءاً كـبیراً من امكانیاتـه الذاتیة في المجال الاقـتصادي والأمن الغذائي والكثير مـن الاحتياجات الأسـاسـیة .. وھـو فـي طـریـقه لتحقيق قـفزات كـبیرة فـي مـجال الاسـتثمار والـتنمیة الـصناعـیة عبر توفیر البنى التحتیة المطلوبة لذلك.. 

وقـد نـجح الـعراق أیـضا فـي النأي بـنفسه من الدخول في اصطفافاتٍ إقـلیمیةٍ ودولـیةٍ من خلال اعـتماده سـیاسـة الحیاد الإیجابي دون المساس بقیم الأمة العربیة والإسلامیة وثوابتھا الدینیة والأخلاقیة الأصيلة.

لكننا الـیوم نـواجـه تحدیاً كبیراً.. وھـو أمـر تشـترك فـیه جـمیع دولـنا الـعربـیة والإسـلامـیة .. ھـو تھـدیـد أمـن منطقتنا وزعزعة السلام فیھا بعدما حققته من نجاحاتٍ كبیرةٍ في عودة المیاه إلى مجاریھا الطبیعیة.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - الموقع الرسمي لتيار الحكمة الوطني